وُلد في أجواء من الثراء وكان الابن المحبب في عائلته وهي من طبقة العائلات الحاكمة في الهند. وتزوج في السابعة عشرة من عمره لكن بعد ثماني سنوات أعلن رغبته في الالتحاق بحياة الرهبنة واتفق مع زوجته على الطلاق. لكنه على عكس تيلوبا اسثمر عددا من السنوات في الدراسة المكثفة للنصوص البوذية من مبادىء للرهبنة الفينايا Vinaya والسوترات Sutras وأبيدارما Abhidharma (علم الفلسفة وعلم النفس\الذهن في البوذية) في الهينايانا، وبراجناباراميتا  Prajnaparamita  (اكتمالات الحكمة) وتانترا الماهايانا. ووصل لدرجات في العلم لم يصلها أحد فأصبح معلما رفيع المستوى في جامعة نالاندا ثم تولى رئاستها. وفي أحد الأيام وبينما هو جالس في أحد الأيام في احدى حدائق الجامعة، وظهره مواجها الشمس، ومنصب في الدراسة، هبطت عليه ظلال مخيفة واذا بامرأة كبيرة بالسن وبشكل غير مألوف أبدا  وسألته:” على ماذا أنت مطلع؟” فأجابها موضحا ثم سألته إذا ما كان يفهم الكلمات أو المعنى الباطن، فرد عليها بأنه يفهم الكلمات، فابتهجت وبدأت ترقص. وأراد عندها ناروبا أن يجعلها أكثر سرورا فقال لها:  ” وأفهم المعنى الباطن أيضا.” لكنها انزعجت وبدأت تنتحب  وسألها لماذا تغير مزاجها هكذا فجأة، فأجابته:” عندما قلت – وانت علامة كبير – أنك تفهم كلمات الدارما فقط، قلت الحقيقة وذلك أسعدني، لكنك كذبت بعد ذلك عندما قلت أنك أيضا تفهم المعنى الباطن، فأنت لا تفهمه، فهذا أحزنني.” أصيب ناروبا بصدمة وعجز عن الكلام وسأل المرأة العجوز سؤالا سيغير مجرى حياته، سألها:” ومن يعرف المعنى الباطن؟” فدلته على “أخيها” دون أن تذكر اسمه أو مكانه. ثم اختفت هذه الداكيني مثل قوس قزح في السماء.

قد يرى البعض أن هذه القصة من الغرابة بدرجة لا يمكن أن يصدقها عقل. خاصة أولئك منا من أصحاب بعض الانجازات وبعض الصيت لنعود ونتمسك بسابق عهدنا وانجازاتنا وننسى “الكابوس” الذي رأيناه. لكن ناروبا اختار طريقا خارج أسوار الإيغو أو الأنا واتخذ مسارا مخالفا. فأعلن أمام جمهور الرهبان أنه سوف يذهب ساعيا وراء أخ تلك الداكيني دون علمه باسمه أو عنوانه.

ظن الرهبان أن ناروبا قد أُصيب بالجنون. فأشار له الرهبان أن حياة الرهبنة هي جوهر البوذية وأن تركه لمسار الرهبنة يعد خطأ جسيما بحق الدارما، وذكروه بما قضى من سنوات في الدراسة وترجوه ألا يترك منصبه  وذكره أن الملك سيغضب منه إذا علم بفعلته. وأنه إذا أقبل على ذلك سيدمر سمعته وللأبد. لكن لم يثنه أي شيء عما عزم القيام به وأعاد كتبه وأردية الرهبنة وتوجه شرقا نحو الغابات باحثا عن معلمه.

وحث ناروبا في الغابات والقفار الصحارى والأماكن غير المأهولة. وشعر بالضيق والحرقة، فقد صادف تجارب غريبة ظن ألا علاقة لها بسعيه إلا أنه وجد ما أثبت عكس ذلك فيما بعد. وفي النهاية، أصيب باكتآب حاد وشعر باليأس اذ أنه تخلص من حياته السابقة ولم يجد أي حياة جديدة. ويبدو أن ما حال بينه وبين السير قدما ما هو إلا معيقات من صنعه، وظن أن الكارما خاصته من السوء بشكل سيحول بينه وبين العثور على معلمه فقرر أن يقتل نفسه، فاخرج سكينه وقرر أن يقطع شرايينه لكن في تلك اللحظة ظهر له تيلوبا، أسود مزرق ببنطال من القطن،  وعيون بارزة حمراء، وقال له أنه منذ عقد  ناروبا العزم على اللقاء به كان تيلوبا قريبا منه في كل لحظة، لكن ما في ناروبا من تشويش ومشاعر مزعجة أغفلته عن تلك الحقيقة، ورأى تيلوبا في ناروبا القدرة على حمل التعاليم العميقة وقبل به تلميذا.

وخلال 12 سنة قضاها ناروبا مع تيلوبا عاني الأمرين، كل أشكال المحن النفسية والروحانية والجسدية، وقد فهم من خلالها ما راكمه من كارما في حيواته السابقة من معيقات وأوهام. كل ما أعطاه إياه تيلوبا من تعاليم كان دمارا على احساس ناروبا  بهويته وشخصه، وكان يظن أنه في كل لحظة كان يصيبه الأذي بشكل لا شفاء منه، لكن في كل مرة كان تيلوبا يظهر لناروبا مستوى أعمق في وجوده: مزيدا من الانفتاح ووالوضوح والاشراق بلا اعتماد على حياة أو موت الأنا. وكان ما تلقاه تيلوبا من تعاليم فيه القليل من الكلام وإيماءات رمزية، ولم يقدم له أي امان ولا ضمانات ولا توكيدا وتحمل ناروبا كل ذلك من باب الإخلاص الكامل للمعلم تيلوبا وقناعته ألا وجود لخيارات أخرى.

وبعد 12 سنة من التدريب، ووسط أرض قاحلة قال تيلوبا لتلميذه ناروبا الان حان الوقت لنقل التعاليم النبيلة – الدارما. وعندما طلب تيلوبا عطايا من ناروبا، لم يكن لدى ناروبا ما يمنحه سوى أصابعه ودمه. فقام بجمعها تيلوبا بعد ذلك ووجه صفعة لناروبا بحذاء قذر فأغشي عليه وعندما استيقظ أدرك الحقيقة المطلقة وعادت له أصابعه. وتلقى ناروبا من تيلوبا تعاليم ماهامودرا Mahamudra  واليوغات الستة الباطنة وتانترات الأنوتارا يوغا anuttara-yoga tantras وأصبح سِدا Siddha  في الارث الذي يعلمه تيلوبا، وأخذ تيلوبا في التجوال في الغابات يقوم بأشياء خارجة عن المألوف. وكمعلم مدرك، اتخذ تلاميذا ومن خلال أفعاله وبغض النظر عن كونها صادمة أو غير مألوفة فقد كانت بذلك توقظ الحالة المستنيرة وراء الفكر والأفكار، مفعما بالرأفة والرغبة في رفع المعاناة والحكمة والقوة. ونظرا لتدريبه السابق كعلامة فقد تمكن من الكتابة وببلاغة حول مواضيع في الفاجرايانا.

يعتبر ناروبا شخصية محورية في سلسلة معلمين مدرسة الكاغيو بشكل يزاوج فيه بين تدريب التانترا وأساليب العلم التقليدية والجمع بين الاخلاص اللامنطقي والعقلانية والفكر. ومن خلال ناروبا نقلت تعاليم تيلوبا وسلسلته السامية من غابات شرق الهند حيث اتخذت شكلا على يد المعلم الكبير ماربا  Marpa والذي كان رب منزل وأبا لسبعة أبناء.

وبقيت الخصال التي أظهرها هؤلاء المعلمين الكبار من تدريبات صارمة والتزام وتركيز على تدريبات التأمل المكثفة والاخلاص الكبير للمعلم والانفتاح التام على تعاليمه – كلها أمورا غدت تميز تعاليم مدرسة الكاغيو.