كتب مُترجمة

مقتطفات من كتب لم تترجم بعد

Written by Dharmabustan

من كتاب المعلم  Anam Thubten لا نفس لا مشكلة: الوعي بطبيعتنا الحقيقية No Self, No Problem:Awakening to our True Nature“ 

“من المهم جدا أن ننظر في ذهننا لنرى ما الذي نبحث عنه بالفعل، وما الذي نسعى من أجله، خاصة عندما ننوي الحصول على تعاليم روحانية، عندما ننبهر بمعلم روحاني قد نكتشف أن رغبتنا تتعارض تماما مع الاستنارة الحقيقية. ربما أن ذهننا يبحث عن الراحة، النشوة الروحانية، أو تعزيز شيء ما فينا، أو حلة جديدة من الاعتقادات، في بعض الأحيان تقنعنا “الأنا” أننا ندرك مفهوم اللانفس (أنها غير متأصلة أو ذات طبيعة ثابتة)، لكن في نفس الوقت نتمسك بمفهوم آخر مثل محاولة الاتشاح بالقداسة والروحانية، وينبغي الانتباه واليقظة حيث أن هناك شوائب دقيقة في هذه العملية أي عند التمسك بمفاهيم مثل القداسة والروحانية بينما نسعى وراء تجاوز التعلق بالنفس.
قد يبدو هذا أمرا يتطلب الكثير من الاجتهاد وكأنه مهمة شاقة، لكن الأمر ليس كذلك عندما نكتشف العنصر السري وهو ادراك أن “الأنا” ما هي الا كينونة وهمية خيالية، وتزول ما ان نتوقف عن الاهتمام بها، لسنا مضطرين للذهاب لأماكن مقدسة لنعيش هذه التجربة، كل ما نحتاجه هو الجلوس والانتباه لتنفسنا، وأن نسمح لأنفسنا بأن نتخلى عن خيالاتنا والصور الذهنية في ذهننا، وهكذا نتمكن من دخول وتجربة عالمنا الداخلي، وبينما نريح جسمنا وننتبه لما يدور فينا وما حولنا، نبدأ برؤية الأشياء بوضوح، ونرى أنه لا أساس للنفس وليس لها وجودا حقيقيا وثابتا، وهي فبركة ذهنية، وندرك أن كل ما نعتقد به على أنه حقيقة حول أنفسنا ما هو الا قصص مفبركة حول ما نعرّف به أنفسنا وما نتخذه كهوية أو هويات مزيفة: “أنا أمريكي، عربي، …أنا في الثلاثين من عمري، ومهنتي معلم، سائق تكسي، محامي…” كل هذه الأفكار والهويات مجرد قصص لم تحدث في الحقيقة في عالم طبيعتنا الحقيقية، ومشاهدة انحلال هذه القصص ليس مؤلما، ليس مؤلما رؤية انحلال وتفسخ الأشياء أمامنا وهو ليس مثل رؤية بيتنا يحترق أمامنا، فهذا مؤلم لأننا لانريد أن نخسر كل شيء، وتفسخ الاشياء روحانيا ليس كذلك لأن ما يتفسخ ويتحطم بالفعل ما هو الا هذه الهويات المزيفة، وهي لم تكن موجودة أصلا”.

من كتاب السلام في كل خطوة Peace is Every Step لتك نا هن Thich Nhat Hanh (قدّم له الدالاي لاما)

بينما نمارس التنفس الواعي، يتباطأ تيار الأفكار، ونمنح أنفسنا راحة حقيقية، في معظم الوقت، نكثر من التفكير، لكن التنفس بحضور ذهني يساعدنا في أن نهدأ، ونرتاح ونكون في سلام، وهذا يساعدنا في التوقف عن التفكير الكثير وأن نكون أسرى لمآسي الماضي ومخاوف المستقبل. هذا يساعدنا في أن نبقى على اتصال مع الحياة، وهي رائعة في هذه اللحظة.
أكيد أن التفكير مهم لكن الكثير من تفكيرنا بلا فائدة. وكأن في رؤوسنا شريطا يلف ليل نهار، فنفكر في هذا وذاك، ومن الصعب التوقف، وبالنسبة للشريط ماعلينا سوى الضغط على زر الايقاف، لكن في تفكيرنا لا يوجد زر للإيقاف، وقد نفكر ونقلق كثيرا لدرجة أننا لا ننام. وإذا ذهبنا للطبيب من أجل بعض الحبوب المنومة أو المهدئات، والتي قد تجعل الوضع أكثر سوءا، وذلك لأننا لا نرتاح خلال ذاك النوع من النوم. واذا استمرينا في أخذ هذه الحبوب قد ندمن عليها. ونستمر في العيش بتوتر، ونعاني من الكوابيس.
عندما نقوم بطريقة التنفس الواعي، ونقول شهيق وزفير عندما نأخذ شهيق وزفير فإننا عندها نتوقف عن التفكير، فهذه الكلمات لا تعتبر تفكيرا بل مجرد كلمات تساعدنا على التركيز على التنفس. واذا استمرينا على التنفس شهيقا وزفيرا بهذا الشكل مدة بضع دقائق، سنشعر بالانتعاش، ونتعافى، ونستطيع معايشة الأشياء الجميلة من حولنا في لحظة الآن، فالماضي غادرنا، والمستقبل ليس هنا بعد. وإذا لم نكن حاضرين في أنفسنا في اللحظة الحالية، لن نتمكن من الاتصال مع الحياة.
عندما نكون على اتصال مع الأجزاء التي تتسم بالسلام والتعافي والانتعاش داخلنا وحولنا، فإننا نتعلم كيف نقدرها ونحميها ونجعلها تنموا، وهذه الأجزاء المفعمة بالسلام متوفرة لنا في كل وقت.

أربع وعشرون ساعة جديدة جدا من أجلك

في كل صباح، وعندما نستيقظ، لدينا أربع وعشرون ساعة لنعيشها، ويا لها من هدية ثمينة، ولدينا القدرة على أن نعيش بشكل يجلب السلام والمتعة والسعادة لأنفسنا وللآخرين.
السلام متاح لنا وحاضر هنا والآن، في أنفسنا وفي كل ما نراه ونقوم به، لكن السؤال هو اذا ما كنا على اتصال به، فلسنا مضطرين للسفر بعيدا للاستمتاع بالسماء الزرقاء، ولسنا مضطرين لمغادرة مدينتنا للاستمتاع بالنظر لعيون طفل جميل، حتى الهواء الذي نتنفسه يمكن أن يكون مصدرا للسعادة.

يمكننا أن نبتسم وأن نتنفس وأن نمشي ونأكل وجباتنا دون أن نفقد اتصالنا مع فيض السعادة المتاح لنا، نحن نجيد الاعداد لحياتنا لكن لا نجيد أن نعيش، فنحن نعلم كيف نضحي بعشر سنوات من عمرنا للحصول على شهادة، لكن ننسى أننا أحياء الآن في هذه اللحظة، نحتاج لأن نكون يقظين وأحياء في اللحظة.
التنفس بوعي
هناك العديد من الطرق للتنفس يمكننا ممارستها لجعل حياتنا مفعمة بالحيوية وممتعة، التمرين الأول سهل: بينما تتنفس وتأخذ شهيقا، تقول لنفسك:” شهيق، أعلم أنني أتنفس”، وعندما تخرج الزفير تقول: زفير، أعلم أنني أخرج الزفير”. ويمكن أن تكتفي بقول “شهيق، زفير”. وهذا سوف يساعدك في أن تبقي ذهنك مركزا على النفس. وبينما تستمر في ممارسة ذلك، تتنفس بهدوء أكثر وبسلام وينعكس هذا بسلام أكثر وسلالسة في ذهنك وحياتك. وهذا ليس بالأمر الصعب، فخلال دقائق معدودة ستشعر بثمار هذا التأمل، ويمثل التنفس الجسر الذي يربط بين الجسم والذهن، فأحيانا يكون ذهننا منشغلا بشيء وجسمنا منشغل بشيء آخر. فهما ليسا في انسجام وتناغم، ويالتركيز على الشهيق والزفير يعود الجسد والذهن كلا واحدا. ويعتبر التنفس الواعي جسرا هاما بينهما.
بالنسبة لي أرى في التنفس متعة لا أفوتها ولو ليوم، وأمارسه في غرفتي الصغيرة للتأمل، حيث خطط عبارة “تنفس، فأنت حيّ!” ويشعرنا التبسم والنفس بسعادة كبيرة، فالتنفس الواعي يجعلنا كلا واحدا، وجاهزين لمواجهة الحياة في اللحظة.”

من تجربتي الشخصية، ساعدني التركيز على النفس حتى في أحلك الظروف، وحتى عندما كنت أخرج للتمشي لأريح فكري وذهني، في اللحظة التي كنت أنسى فيها النفس العميق كنت أغوص في دوامة من الأفكار وأنسى الجمال من حولي المتاح طوال الوقت، لكن عندما يعيدني صوت من أصوات الطبيعة سواء تغريد عصفور أو حفيف الأشجار، أعود لنفسي ومع كل نفس أرى خضرة الأعشاب أكثر دفئا، وزرقة السماء أكثر بهجة، كل شيء يعود للحياة، ويصغر الألم مع شدته وتذبل أشواك المعاناة رغم أنها تبدو عميقة الجذور داخلي، الحياة في اللحظة نعمة كبيرة وتجعلنا أكثر واقعية وألا نستغرق في عتمة الماضي وقلق المستقبل، بل الان لأن الان يحدد غدا وبعد غد ويهون من وطأة الماضي علينا، بقليل من التدريب والصبر يصبح الأمر أسهل بكثير، ويمكن تذوق ثمار هذا التأمل بسرعة ولذلك نتشجع للمزيد.

العشاء الأخير- المناولة (ممارسة هامة في الديانة المسيحية)
إن ممارسة التناول هي ممارسة للوعي. عندما كسر المسيح (يسوع) الخبز وشاركه مع الحواريين أو التلامذة، قال لهم: ” كلوا هذا، هذا جسدي”. كان يعلم أنهم لو تناولوا كسرة من الخبز بحضور ذهني، سينالوا حياة حقيقية، ففي حياتهم الاعتيادية، تناولوا خبزهم بنسيان وغفلة ودون حضور، فلم يكن الخبز خبزا البتة، بل كان شبحا، وفي حياتنا الاعتيادية قد نرى الناس من حولنا، لكن إذا كنا نفتقر للحضور الذهني نراهم مجرد خيالات، وليس أناسا حقيقيين، وحتى نحن أنفسنا أشباحا أيضا. تمكننا ممارسة الحضور الذهني أن نصبح أناسا حقيقيين، فعندما نصبح أناسا حقيقيين نرى عندها أناسا حقيقيين من حولنا، وتغدوا الحياة حاضرة بكل ما فيها من ثراء وغنى، وكذلك ممارسة تناول الخبز أو سشرب عصير المندرين، أو قطعة من الكعك.
عندما نتنفس وعندما نتمتع بالحضور، وعندما ننظر بعمق في طعامنا، تصبح الحياة حقيقية في تلك اللحظة بعينها. بالنسبة لي، أرى طقس المناولة على أنه ممارسة رائعة للحضور الذهني.
بهذه الطريقة المؤثرة كان يحاول المسيح أو يوقظ تلاميذه.”

الان، يالها من لحظة رائعة!

في مجتمعاتنا التي يأخذها الانشغال، من المهم ممارسة التنفس الواعي من وقت لاخر، والا يقتصر ذلك أثناء جلوسنا على وسادة التأمل
بل وأثناء العمل في المكتب أو المنزل، أو أثناء قيادة السيارة أو الجلوس في الباص، وحيثما نكون في أي مكان أو أي وقت خلال يومنا. هناك العديد من التمارين يمكننا القيام بها لتساعد في التنفس الواعي، بالاضافة لتمرين الشهيق والزفير، يمكننا ترديد العبارات التالية بصمت لتساعدنا أثناءالشهق والزفير.
شهيق، أريح جسمي.
زفير، ابتسم.
أعيش في اللحظة.
أعلم أن هذه لحظة رائعة.

“شهيق، أريح جسمي”. تكرار هذه العبارة يشبه شرب كاسة من عصير الليمون المنعشة في يوم حار، يمكنك الشعور بالانتعاش يتخلل جسمك، فعندما أتنفس الشهيق وأردد هذه العبارة، أشعر بنفسي يهدئ من جسدي وذهني.
“زفير، ابتسم.” نحن نعلم أن االتبسم يريح مئات العضلات في الوجه، فعندما نبتسم، نظهر أننا أسياد أنفسنا.
“أعيش اللحظة.” بينما أجلس هنا، لا أفكر في شيئ اخر، أجلس هنا وأعلم تماما أين أنا.
“أعلم أن هذه لحظة رائعة”. انها لمتعة أن نجلس باستقرار وباسترخاء وأن نعود للنفس والتبسم – لطبيعتنا الحقيقية، ان موعدنا مع الحياة هو لحظة الان، اذا لم نكن في سلام الان ودون احساس بالمتعة – متى سننعم بسلام ومتعة، غدا أو بعد غد؟ مالذي يحول بيننا وبين السعادة الان؟ بينما نتبع نفسنا، نردد وببساطة ‘ هدوء وتبسم في هذه اللحظة، لحظة رائعة’.
وهذا التمرين ليس للمبتدئين فقط، فالكثير منا ممن لديهم أربعين أو خمسين سنة في التأمل العملي والتنفس الواعي، يستمرون في ممارسة هذا التمرين البسيط لأنه هام وبسيط جدا.

من كتاب Running with the Mind of Meditation  في التأمل للمعلم Sakyong Mipham وهو ابن Chögyam Trungpaوهؤلاء من المعلمين الكبار من التبت لكنهم درسوا الفلسفة الغربية واستطاعوا مخاطبة الفكر الغربي وتوضيح المفاهيم البودية بشكل يتواءم مع أسلوب التفكير الغربي.

من الأمور الأساسية في التأمل احترام الذهن والجسد: في المراحل الأولى في التدريب على الحضور – من حيث النَفَس والهيئة ووضعية الجلسة والأفكار التي ترد على الذهن، وما نستحضره من موقف تجاه ما نقوم به من أفعال – فأنت تنظر بحميمية وعن قرب شديد تجاه ذهنك وجسدك، لتلاحظ نقاط القوة والضعف فيها. فننتبه للنفس: شعورنا به عندما يخرج من فمنا ومنخرنا، وما يحتاجه من وقت للزفير، وما هو شعور الاستنشاق، وهذا يساعد على التدريب على الحضور في فعل بسيط. ومن الصعب الانتباه للنفس في البداية – فعندما نتابع النفس تشتتنا حواسنا، رائحة القهوة في الصباح أو الضجيج الذي يصدر عن الحافلات، وتحفز هذه المشتتات نشوء الأفكار، ويحاول الذهن مطاردة هذه الأفكار التي نشأت وفي تلك اللحظة تفقد تركيزك على ما كنت تنوي القيام به وهو التركيز على النفس. فعندما يندفع الذهن مما يراه الى ما يسمعه والى ما يفكر به فان ذلك يعتبر تشتيتا – وهو اللص الذي يسرق حضورنا.
في التدريب على الحضور، فاننا نتدرب على التركيز على شيء واحد فقط، نحن ندرب عضلة الذهن وكلما تدربنا تزداد قوة، في البداية نكون مثل الاطفال في النادي الرياضي والذين لا يستطيعون رفع سوى الخفيف من الاثقال لفترة قصيرة من الزمن، لكن مع التدريب نتمكن من رفع المزيد من الاثقال.
ومن المهم أن نكون لطفاء مع أنفسنا وليس الهدف ان نقصوا على أنفسنا بل أن نكون “أصدقاء ودودين مع أنفسنا” فالصديق لن يصرخ علينا أو يؤنبنا بأننا كسالى ولا نجيد التأمل بل يقوموا بالتجيع الدائم لنا وكذلك ينبغي أن نكون مع أنفسنا، وأن نمنح أنفسنا حسا من الدعابة والصدق والوضوح!
عندما نبدأ بالتأمل، نتمكن في البداية بالبقاء مع النفس مدة 30 ثانية، ثم 40 ثانية ثم 45 ثانية، ثم دقيقة ونصف، وباللطف نستمر بتذكير أنفسنا أننا نبني قوة العضلة الذهنية. ويساعدنا الحضور في تأدية أي مهام نقوم بهالأن ادراكنا أكثر حدة وقوة، وذاكرتنا وتركيزنا أفضل بكثير. ونكون أكثر حضورا مع الاخرين في اللحظة.
ومن أهم منافع الحضور الاستقرار: فنحن ندرب ذهننا على البقاء مع ما نوى القيام به، مثل خيط الطيارة الورقية نحمي الذهن من أن يضيع في رياح الأفكار وعواصفها – سواء ايجابية أو سلبية. ومع هذا الاستقرار الذي يجلبه الحضور، يصبح ذهننا أقل توترا وقلقا، وعندما يقول من يقومون بالتأمال أن التأمل تجعلهم هادئين فانهم يشيرون بذلك الى هذه الحالة من استقرار الذهن. والذهن المستقر يخلق أساسا لحالة من السعادة والرضى، فلا نرغب بأكثر مما لدينا الان. وعندما نتمتع بالحضور، نبث الصحة والقوة. وفي هذه الحالة الصحية يولد الذهن أفكار وأفعال ايجابية، وفي واقع الأمر تكمن الكثير من هذه الأفكار الايجابية تحت سطح الذهن.
واذا لم يكن بامكاننا التركيز في التأمل لا يمكننا البقاء في الحضور، فنصبح كسالى ونستسلم. وحيث اننا لسنا اصدقاء لانفسنا نشق ونقسو على أنفسنا وتصبح التجربة مؤلمة. أو ربما نندهش من حضورنا ونغنس أنفسنا في تلك المتعة. ولا ينبغي النفعال والافراط بالانفعال كرد فعل لضعف الحضور فينا فان ذلك لا يولبد سوى المزيد من استطراد الأفكار في ذهننا.
واذا لم نسعى لنكون حاضرين ونخلق ذهنا مستقرا فاننا لن نتمتع بثمار ذلك. لكن يمكننا دائما اعادة التدرب على الحضور في كل لجظة باللطف والمودة تجاه أنفسنا وبالحزم أيضا مذكرين أنفسنا بما ينطوي ذلك على فوائد.

 

About the author

Dharmabustan

إ

Leave a Comment