المقالات المُترجمة

التعامل مع العواطف

التعامل مع العواطف – لاما ييشي لوسال رينبوتشي Yeshe Losal

قدم هذه التعاليم  لاما ييشي في معتزلات ساميي لنغ الروحية .

نقل هذه التعاليم الثمينة الى العربية : لؤي خضر ( كارما بالدن داوا) .

 

النص الرئيسي :

عندما تحدد مشكلتك الرئيسية، أيا كان الشيء الذي يؤذيك من السموم الخمسة ( الغيرة – الحقد – الحسد – الانانية – الغضب ) ، ومهما كانت المشكلة التي تزعجك، يجب عليك بعد ذلك الجلوس، والاسترخاء، واستدعاء هذه المشاعر في التأمل.

سواء كان الغضب أو الغيرة أو الأنانية أوالحسد .. أيا كانت، قم باستدعائها الآن وهنا . ثم قدم نفسك لهذا الكائن الذي تسبب بطريقة ما في الكثير من الفوضى في حياتك لفترة ما، واستكشف هذا الشعور ككائن.

كم حجمه؟

ماهو شكله؟

ماهو لونه؟

انظر بهدوء إلى جوهر هذه المشاعر التي تجعلك تعاني، هل تعتقد دائمًا أن المشاعر تحدث فعليًا؟ ولكن إذا كان الأمر كذلك يجب أن يكون لها شكل ولون وحجم.

إن كان شيء ما يزعجك .إذا ( هناك شيئ ) كيف يمكن أن يزعجك أي شيء عندما لا ( يكون هناك شيئ )؟

 

إذا كان ماديا ، موجودًا بالفعل في جزء من جسمك، فيمكنك إزالته بمجرد إجراء العملية وبالتالي حل جميع مشاكلك. ومع ذلك ، فإن العواطف ليس لها مثل هذه الخصائص.

الآن! هو الوقت المناسب لإجراء تحقيق مناسب وانجاز من خلال التأمل . نأمل أن تتوصل إلى استنتاج قوي للغاية بأنه لا يوجد شيء يدعو للقلق، لأنه لا يوجد شيء يمكن العثور عليه! غالبا هو الوهم مايقلقك،وأنت المسؤول عن خلق هذه المشاعر التي لا لزوم لها

فكل ماعليك فعله الان هو تحويلها الى حقائق قوية!

لأن الوهم يسيطر علينا أحيانا فمن الصعب للغاية التعامل مع حالاتنا العاطفية، لأنه بطريقة أو بأخرى نحن قادرون على بناء صورة صلبة من العاطفة ، وهذا يزعجنا طوال الوقت. إنه يأخذ سلامنا ويدمر كل ما نقوم به.

 

أنا أخبرك أنه لا يوجد ما يزعجك ، وأنت في سرك بالتأكيد تقول: آه، هذا لاما يشي يقول ذلك، لكن مشاعري تزعجني حقًا. هذا هو السبب في أنني أطلب منك القيام بهذا التحقيق هنا، الآن، في التأمل اليومي الخاص بك. لا توجد وسيلة أخرى. عندما تتوصل إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد في الواقع أي شيء يزعجك، فيجب أن تشعر بالارتياح. يجب أن تشعر بالراحة عند معرفتك أنك قد استعبدت بطريقة ما مشاعر لا وجود لها حقًا… استعبدت من قبل الوهم ..

القيام بذلك مرارًا وتكرارًا يشبه تفكيك الصور التي تراكمت .. طوال حياتك، من خلال التأمل، يمكنك تفكيك هذا المشاعر المعقدة وذلك الشعور بأن هناك شيئًا يزعجك طوال الوقت، ولكن ما لم تقم بالبحث الشخصي، فلن تكون قادرًا على تحقيق ذلك يجب عليك إشراك نفسك في هذا التحقيق بكل إخلاص، حتى تكتشف ذلك بنفسك. بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى هذه الحياة وأهمية التدريب على التأمل .. اإك لن تجد شيئًا على الإطلاق، ولكن إذا كنت لا تزال تسمم حياتك بالوهم، فأنت مخطئ، أليس كذلك ؟

إذا لم تجد شيئًا، فلماذا تخاف؟

على سبيل المثال ، إذا كنت خائفًا جدًا، فراجع جوهر ما تخاف منه … هل يتجلى هذا الخوف كوحش؟

هل له قرون كثيرة أم أسنان؟ ماهو الشيء الذي تخاف منه؟

وإذا لم تتمكن من العثور على أي شيء، فكر فيما إذا كان شخص ما قد اخافك في مرحلة الطفولة، ربما تكون قد قمت ببناء صورتك الواهمة على هذا ولم تتمكن من التخلص منها ولم تتدبر أمرها.

هذا النوع من التأمل يسمى lhakthong في لغة التبت.

إن تعلمنا التعامل مع عواطفنا، فنحن نعتاد تدريجياً على فكرة التحول الداخلي، في التقليد التبتي، نقول أن أذهاننا مثل كائن وحشي. علينا ترويض هذا الكائن البري. عادة مايعتقد الناس انهم مثاليون وأن سبب مشاكلهم هم الآخرين – وبهذه الطريقة بالتفكير لا يمكن إلا أن تنتهي بمشاكل ولا يمكن لها أن توجد السلام، النهج الصحيح هو ترويض كياننا البري ثم كل شيء سيكون في مكانه الصحيح .. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التأمل المنتظم واليومي.

ومع ذلك، فإن الأمور لن تتغير بين عشية وضحاها، بالنسبة للبعض، قد يستغرق الأمر عشرًا أو عشرين عامًا أو أكثر. بوصفنا بوذيين نعتقد أن تراكم العادات هذا قد استغرق الكثير من الأجيال.  يمكن لأولئك الذين لا يؤمنون بالحياة السابقة أن يقبلوا حقيقة أن الأمر استغرق منهم عشرين أو ثلاثين أو أربعين عامًا لاستيعاب عاداتهم وعادات عائلاتهم وثقافتهم وتقاليدهم. لدينا الكثير من العادات، لا يمكننا أن نتركها فجأة، هذا هو السبب في أننا ( لا ينبغي أن نفقد الصبر). يجب أن نعترف ببساطة أن المهمة صعبة، لكن يجب ألا نستسلم أبدًا.

 

هوامش :

الدارما : تعاليم التحرر التي وضعها بوذا.

التأمل : يوجد العديد من أنواع التأمل، منها التي تعتمد على التخيل وتلك التي تكون لتهدئة الذهن وللتفكر والتدبر في أمور الحياة

البوذيون:: وهم الذين يمارسون الدارما لاكتشاف أنفسهم وتحريرها والوصول الى حالة الاستنارة الكاملة.

lhakthong : لاتنغ– بالتبتية ، مما يعني ( التحقق الشامل – يؤدي إلى البصيرة ) .

المرجع :

‘Living Dharma’ by Lama Yeshe Losal Rinpoche

 

About the author

Dharmabustan

إ

Leave a Comment