توضيح بعض المفاهيم الأساسية
للمعلم تم أولمستيد Tim Olmstead
- المعاناة تظهر لنا طبيعتنا الحقيقية النقية، كيف؟ الاكتئاب مثلا يظهر لنا أن هناك حالة نفسية أخرى عكس الاكتئاب، وإلا لظننا أن الاكتئاب هو الوضع الطبيعي. والحكمة هي ذلك الإدراك بأن شيئا ما خطأ، بأن هناك مشكلة ما. هكذا ببساطة!
- عندما نبطئ ونتوقف ونبدأ بممارسة التأمل يشبه التوقف على الطريق الرئيسي أو الاوتوستراد، فتنتبه للحظة كم أن كل شيء يسير بسرعة، فيما لو استمريت في القيادة بسرعة 80 ميل في الساعة، وربما مع الانشغال بهاتفك الخلوي ببعث الرسائل، تكون جزءا من ذلك “الركض” والاستعجال وتفوتنا اللحظة الحالية. لكن عندما تتوقف ترى السرعة المجنونة التي يسير بها كل من حولك. ولذلك عند البدء بالتأمل يبدو وكأن هناك شلالا من الأفكار أو وكأننا زدنا تشويشا، لكن في حقيقة الأمر كل ما هناك أننا بدأنا نعي، ووعينا زاد بما يدور فينا وحولنا، ومع التدريب سوف يهدأ الشلال ويغدو بحيرة صافية كما أخبرنا كبار المتأملين. لكن البعض بدلا من البطء والتوقف، يحفزون أنفسهم اكثر وأكثر، ظننا منهم أنهم بذلك سوف يتغلبوا على متاعبهم النفسية والاكتئاب. مر بوذا مرة على شخص محتد غضبا بسبب الشوكة في قدمه فساله إن كان سيبقى يلعن الشوكة أم سوف يقوم بالتخلص من الشوكة.
- من الطرق لتنمية البوديتشيتا (وهي تعني في الفلسفة البوذية الذهن الذي يتوق للاستنارة) الكرم “دون أجندات”، أن تكون كريما وتشعر بالفرح للقيام بذلك مدفوعا بالرغبة في إسعاد الآخرين وليس الرغبة في نيل حظوة عند أحد أو المديح أو غير ذلك من متطلبات الأنا. وكذلك الأمر بالنسبة للرأفة فالأصل أن تأتي بشكل طبيعي فلا أشعر بالرأفة نحو أطفالي فقط بل تجاه جميع الأطفال، فيكبر إحساسنا بالذات لتضم وتعانق كل ما في الوجود، وهذه دعوة حتى نتوقف عن الحشد في أقطاب وجلب المزيد من العداء للعالم، فكما قال بوذا أن العالم في احتراق، فلا نزيد في اشتعاله، وكما قال مارتن لوثر كنغ “لن نشفى إلا إذا شفينا جميعا”، فلنقل كلمة تخفف من اشتعال العالم والقلوب والأذهان.”
- “حسب الفلسفة البوذية فإن مفهوم الفرح والبهجة ليس عاطفة وإنما شكلا من السلام والمرونة، فنزيد من رحابة اتساع ذهننا، وفي هذه الحالة من الحضور الذهني نخلق مساحة من الشفاء لكل من يقترب من هذه المساحة بما في ذلك أنفسنا، وهذه الحالة من القبول عند أهل التبت يشبهونها بالجلوس بالقرب من الجدّة فهي تقبلنا كما نحن وتحبنا بلا شروط ولذلك فهم يطلقون على المعلمين الكبار والعظماء بلفظة الجدّات الكبيرات”ّ لأننا نستشعر بحضورهم ذلك الحضور الشافي والقبول غير المشروط والوعي الممتد المليء بالرأفة والدفء! في تلك المساحة من القبول غير المشروط، نقبل كل شيء فينا، كل الأشياء الجميلة وكل ما لا نحب ونكره، وهكذا شيئا فشيئا نصبح لدينا المهارة في أن نسكن في جسدنا بالكامل، فنتوقف عن شن الحروب داخلنا وخارجنا.
- التأمل هو أن نصبح أكثر ألفة مع أنفسنا ومن نحن في هذه اللحظة، وأن ندرك ذلك مباشرة، حتى في أخطائنا، نرى الطبيعة النقية التي تكمن فينا، هذا سهل جدا وبسيط جدا، شهيق نتخيل كل مشاكلنا تتجمع أمامانا عند طرف الأنف ثم زفير نتخيل أنها ذهبت وتلاشت مع كل نفس الزفير. وهذا المكان من السلام الدائم والفرح والنعيم الروحاني والنفسي متاح لنا دائما في كل لحظة وليس في مكان آخر في مجرة أخرى. مثل شروق الشمس يذكرنا برحابة الفضاء والمساحات غير المتناهية.
- لنقم اليوم بهذه المهمة ونقول في أنفسنا قبل الخروج من البيت: كل الناس مثلي، فإذا رأينا شخصا “مكشر” أو “واصلة معه”، نقول عندها في أنفسنا:” آه، هذا يذكرني بنفسي بعد يوم شاق أو لحظة إحباط بعد نقاش حاد مع رئيسي في العمل، أو عندما لا أنام كفاية وأشرب الكثير من القهوة ولا يزيدني ذلك سوى مزيد من النكد وحدة الطبع، أو عندما أتوقع انجاز بعض الأمور ولا يحدث أي منها، أو عندما أستيقظ ولا أستطيع القيام من الفراش بسبب صداع أو مغص، أو عندما أجد من الصعوبة التفاهم مع ابني المراهق في الخامسة عشرة من عمره، أو عندما ….إلخ.” عندما ننظر للعالم برقة على أنه عالم طيب وخيّر، لدرجة أننا نمنح أنفسنا الثقة ولدرجة أننا نقوم بالتأمل، فنفهم عندها انسانية الآخرين تماما كما نفهمها ونراها في أنفسنا.”