ترجمة وإعداد خلود غروفز
بالنسبة للجانب العلمي من حيث البحوث الحديثة في مجال (compassion) أو الرأفة أو كما ذكر الدالاي لاما ” الانفتاح على معاناة الآخرين مع الالتزام بتخفيفها” و الحب وهو تمني السعادة للآخرين. تذكر إحدى الدراسات أنه رغم تزايد الدراسات التي تثبت أن تنمية الرأفة والرغبة في رفع المعاناة عن النفس وعن الآخرين تحدث آثاراً كبيرة في تعزيز العواطف الإيجابية إلا أنه بالنسبة لبعض الأفراد الذين يعانوا من النقد الشديد للذات من الصعب أن يتقبلوا رغبة الآخرين في رفع المعاناة عنهم أو حتى الخوف من ذلك.وممارسة التأمل على الرغبة في رفع المعاناة عن الآخرين وبشكل منتظم تؤثر على ردود أفعالنا تجاه التوتر وتؤثر أيضاً على الدماغ الأمامي (مع الانتباه على التأمل الذي يقع في فخ تعظيم الأنا والذي قد يتسبب بأمراض نفسية). وكذلك ممارسة التأمل على الحب والاحسان يرفع من العواطف الإيجابية والدعم الاجتماعي ويقلل من أعراض الأمراض، والإحساس بالروابط الاجتماعية واللطف تجاه الآخرين والغرباء. وكذلك الدليل العلمي في ازدياد، والذي يثبت أن ممارسة وتنمية الرغبة في رفع المعاناة عن الآخرين تمثل ترياقاً لبعض المشاكل النفسية والعقلية ومنها الاكتئاب والقلق. وهناك مدارس في العلاج النفسي الغربي تقوم على العلاج من خلال تنمية الرأفة وهي تقلل من مشاعر الذنب ونقد الذات والاكتئاب والقلق والتوتر. لكن مثل هذا العلاج لم ينفع مع فئة من المرضى الذين يظنون بأنهم لا يستحقون هذه المشاعر من الآخرين. ومن الملفت النظر في ردود فعل الناس تجاه مشاعر الآخرين في الرغبة في رفع المعاناة عنهم، فهي عند البعض تثير مشاعر الخوف أو الرغبة في تفادي من يقدم لهم مثل هذه المشاعر. وهناك بعض من يعانون من الاكتئاب ويخافون من المشاعر الايجابية فبعضهم يخاف من مشاعر السعادة لأنه إذا كنت سعيداً اليوم سيحدث شيئاً سيئاً غداً، ويذكر أحد المرضى كيف أنها في طفولتها كانت تشعر بلحظات من السعادة لكن أمها تأتي بحالة من الغضب المفاجئ والانتقاد، ولذلك قررت ألا تشعر بالسعادة مرة ثانية لأن هذا يجلب أحداثاً سيئة، ولاحظت مريضة أخرى أنها عندما كانت تشعر بالسعادة في بعض الأحيان كانت تراودها أفكار أن مكروهاً ما قد يحل بأطفالها أو زوجها وأدركت كم تخاف من مشاعر السعادة، وكيف أن ذلك يعود لأحداث في بداية حياتها، وهكذا فإننا نضع شروطاً على المشاعر الإيجابية بل وربطها بأحداث منفرة، وكذلك قد ينشأ الخوف نتيجة لربط المشاعر الإيجابية الإجتماعية بأحداث الإساءة والخذلان.ولذلك فقد ينشأ صد للمشاعر الإيجابية من الآخرين، والنظر إليها على أنها تهديد، وهذا يشكل مشكلة لأن هذه المشاعر تنظم أحاسيس التهديد والعزلة الإجتماعية. وكذلك قد تحدث مشاعر الدفء المرتبطة بمشاعر الرغبة في رفع المعاناة عن الآخرين بإثارة مشاعر الرغبة في الرأفة لكن دون تقبل الدفء والرعاية من المقربين منهم، مع زيادة في الوعي بالوحدة الداخلية والحنين لعلاقات تقبلهم وتثمّنهم. وإذا كانت مشاعر الحزن والهم عند البعض – والتي تحفزت نتيجة لمشاعر اللطف والرأفة من الآخرين أو الذات – والتي تعلمنا كبتها وفصلها عن أنفسنا، فلم تعد مألوفة لدينا، وقد تستحوذ علينا أو تتسبب في مزيد من مشاعر الانفصال عن الواقع أو عن أنفسنا. وقد يرى البعض في طلب المساعدة ضعفاً أو ينظروا للآخرين الذين يعانون بازدراء أو احتقار. لكن الأشخاص الذين عاشوا في بيئات آمنة ينظرون للآخرين على أنهم مصدر للأمان والدعم ويلجأون لطلب المساعدة والدعم عندما يصابون بالكدر أو الانزعاج ويفتحون أنفسهم ويتقبلون المساعدة والحب من الآخرين. وعلى العكس من ذلك الأشخاص الذين جاءوا من بيئات غير آمنة ولديهم شك تجاه دعم الآخرين لهم أو توفرهم لهم، وهم عرضة إما لتجنب الآخرين أو ربط الانزعاج بأشخاص دون الإحساس بالتحسن.
أتمنى أن تفيد هذه الإضاءات في فهمنا لهذه المشاعر الإيجابية ومحاولة فهم بعض ردود الأفعال لها سواء داخلنا أو داخل الأشخاص الآخرين. وكذلك فهم الحضور الذهني بداية بتقبل الأمور داخلنا وخارجنا كما هي، الأحمر أحمر والأصفر أصفر.