النظر مباشرة إلى الذهن (Looking Directly at the Mind)
ترجمة
لؤي خضر
ترانغو رينبوتشي (Thrangu Rinpoche)
تعريف بالمعلم:
ولد المعلم الكبير ترانغو رينبوتشي Venerable Khenchen Thrangu Rinpoche في خام في التبت ، في عام 1933. في سن الخامسة ، تم الاعتراف به رسميًا من قبل الكارمابا السادس عشر Holiness the Sixteenth Karmapa وحضرة تاي سيتو Tai Situpa باعتباره التجسيد التاسع ل Thrangu tulku العظيم. بدأ دراسة الناقلات الثلاث للبوذية في الثالثة والعشرين من عمره تلقى ترسيماً كاملاً من الكرمابا. بسبب الاستيلاء العسكري الصيني على التبت،اضطر ترانغو رينبوتشي، الذي كان يبلغ آنذاك سبعة وعشرون ، إلى الفرار إلى الهند في عام 1959. تم استدعائه إلى دير Rumtek في Sikkim وهو مقيم الى الآن هناك ويدير مجموعة من الأديرة وبفضله وبفضل نوره بقيت تعاليم العلماء الكبار ماربا وميلاريبا وغامبوبا محفوظة بأمانة .
ماهو تأمل الشاماتا والفيبسانا؟
بغض النظر عن أنواع التأمل المختلفة، إن كان الذهن مضطرب جدا تحمله الأفكار إلى كل مكان دون أي استراحة، سيكون من الصعب جدا التمكن من النمو والازدهار الروحي. وفي المقابل إذا كان الذهن ثابت في مكانه وفي حالة راحة سنتمكن من التآلف مع اي نقطة في فكرنا وذهننا وبدون ذلك سيكون الذهن مثل راية تذهب بها الريح بكل الاتجاهات هنا وهناك دون القدرة على التغيير . ممارسة الشاماتا (shamatha) هي الممارسة التي تسمح لفكرنا بإيجاد مكان الراحة الخاص به وأن يكون بسلام وهدوء. لكن لن يكون ذلك كافيا بان نجد مكان السلام ونقف هناك بل من المهم تطوير ذلك الى الفيبسانا والذي غالبا ما يدعى تأمل ( البصيرة ) والذي يجلب الصفاء والرؤيا الواضحة . قد نظن أن الشاماتا والفيبسانا تأملات عادية بسبب ان المعلمين يتحدثون عنهما طوال الوقت لكنهم جدا مهمين وذات قيمة عالية بشكل كبير. إذن، عند مضينا في طريق التأمل علينا في البداية أن نجلب الثبات والسلام للذهن . من الممكن ان ينجح الشخص في نقل فكره ويقوم بالتأمل ويختبر الثبات فيظن أنه حصل على تجربة رائعة في التأمل لكن ذلك سيختفي في اليوم التالي، وقد يعاني من تشوش التفكير أكثر من قبل لذا علينا المحافظة على هذا الثبات فتعتبر الشاماتا القاعدة الأساسية في التأمل. في بداية التأمل علينا إبقاء التركيز على التجربة الآنية، وتعلم ابقاء التركيز على ثبات الفكر دون الاهتمام بمشاعر السعادة الناتجة عن نجاح التجربة وهذا يعني أن ندع الفكر يرتاح .
عقبات أثناء تأمل شاماتا والفيبسانا
يمكن القول بأنه يوجد الكثير من الأفكار التي تشكل عقبات لكن يمكن تصنيفها ضمن خمسة اصناف : – العقبة الأولى تضم عنصرين : يبدو وكأنهما مختلفين في النوع والمضمون لكن هما نفسهما لا يسمحان للفكر بالراحة. الأول : هو التشويق أو اللهفة والتي تعني أن تكون بحالة بهجة تجاه شيء ما بحيث يلتهي الذهن ويبدأ بالانسياق وراء الأفكار . والثاني: هو الحزن او الندم فيشعر الشخص أنه لا يعمل بشكل صحيح، ولم يتمكن من الفهم فيحبط تماما . إذن التشويق والحزن مختلفين لكن يمنعان الذهن من الشعور بالراحة للتأمل العقبة الثانية تضم عنصرين أيضا : الأول هو شعور بالثقل والتململ، والثاني هو الوقوع في النوم وهما مختلفين أيضا لكن الشعور بالثقل قد يؤدي الى النعاس . العقبة الثالثة : تضم كل أنواع الشك فيفكر الشخص إن كان طريقه صحيح ام لا ويتخبط الفكر في بحر الاحتمالات . العقبة الرابعة : هي مجموعة أفكار مختلفة يمكن تصنيفها تحت عنوان ( التعلق والرغبة ) , فنشعر بان هناك شيئ ما مهم علينا الحصول عليه ونتعلق بتلك الفكرة وهذا يخلق مشكلة أمام تدريب الذهن. العقبة الخامسة : تضم مجموعة من الأفكار تدور حول الرغبة في إيذاء الآخرين وهو موقف انتقامي فنشعر بأن علينا أن نعامل الاخرين بسوء وضرورة العودة لهم للتحدث إليهم بشكل عنيف وسيئ.
التغلب على عقبات الشاماتا والفيبسانا :
بفهمنا للعقبات نكون قد فهمنا كم تؤثر بشكل سلبي على تدريباتنا فهذه العقبات تجعل الذهن مضطرب وغير مستقر. أول عقبة هي الفكر الجامح أو المتشوق وللتغلب على ذلك علينا تأمل فكرة ( اللاديمومة ) فعندما يحصل شيء جيد معنا نشعر بسعادة عارمة ويدخل الفكر في حالة من التشوق واللهفة، لكن ما يحدث سوف ينتهي (وهو المقصود باللاديمومة أي عدم دوام واستمرار الاشياء والاحداث) ليجعلنا نشعر بالاحباط , وان كان الشخص يشعر بالحزن فمن المهم إدراك اللاديمومة لما يشعر به لذا لا يوجد أي أهمية من متابعة التفكير بهذا الشعور فقط علينا التوقف عن ذلك وجلب الصفاء للفكر لنتمكن من متابعة التأمل .العقبة الثانية هي الملل والتي تسبب تغليف الفكر بالظلام حيث يختفي أي إحساس بالبهجة والحل لذلك بأن نتفكر بالصفات الإيجابية لبوذا والصفات الإيجابية التي تجلبها الدارما ( أي تعاليم بوذا) والشعور بالبهجة لذلك. الوجه الآخر لهذه العقبة هي الوقوع في النوم وفي هذه الحالة علينا أن نجلب إحساس التالق للتغلب النعاس .العقبة الثالثة هي الشك وللتغلب عليها علينا أن نجعل الذهن يركز باتجاه واحد ويستقر عوضا عن التفكير بعدة اتجاهات وعدة أمور وعدم العودة إلى نفس الفكرة مرارة وتكرارا .العقبة الرابعة هي الشعور بالرغبة المستمرة بإنجاز شيء ما وهذا أمر سلبي بالطبع،فحتى لو أردت أن تحصل على شيء ما لن تشعر بالرضا ومهما حصلت على أشياء لن تشعر بالاكتفاء لذا ستظل دوما تطلب المزيد فبإدراك هذه الحقيقة ندرك أهمية الرضا والاكتفاء، فلا حاجة للمزيد . العقبة الخامسة هي الرغبة في أذية الآخرين والذي يترافق مع شعور الحسد والغيرة فلا يمكن للذهن أن يرتاح في حالة الشعور بالغيرة والعلاج لهكذا تصرف مؤذي هو الشعور بالمحبة تجاه الآخرين وتمني حصول الآخرين على السعادة والتحرر من المعاناة وأسبابها وعلينا إدراك كما أننا نرغب بالسعادة يرغب الآخرون بها أيضا. وكما أننا لانرغب بالمعاناة فالآخرون أيضا لا يرغبون بها، وحتى لو تسبب الآخرون بالأذى لنا فلن يساعدنا هذا بشيء بأن نؤذيهم لذا علينا تطوير اللطف تجاه الآخرين والرغبة في مساعدتهم .